کد مطلب:239638 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:148

و رأی فریق خامس یقول
انه (ع) قد مات حتف أنفه، و لا یقبل أبدا بأنه (ع) مات مسموما، و یورد لذلك الحجج و الراهین التی رأی أنها كافیة للدلالة علی أنه (ع) لم یمت مسموما .

و نذكر من هؤلاء سبط ابن الجوزی، حیث قال - بعد أن أورد خبر وفاته، و حكی القیل بأنه دخل الحمام ثم خرج، فقدم له طبق فیه عنب قد أدخلت فیه الابر المسمومة، من غیر أن یظهر أثرها، فأكله، فمات - قال بعد ذلك : « و زعم قوم : أن المأمون سمه، و لیس بصحیح ؛ فانه لما مات علی توجع له المأمون، و أظهر الحزن علیه، و بقی أیاما لا یأكل طعاما، و لا یشرب شرابا [1] ، و هجر اللذات الخ ... » [2] .

لكن عبارة سبط ابن الجوزی هذه تقتضی أنه ینكر أن یكون المأمون هو الذی سمه ، و لا ینكر أن یكون (ع) قد مات بسم غیر المأمون .

و قد تابعه الاربلی فی كشف الغمة علی ذلك، محتجا بعین ما احتج به، و أضاف الی ذلك: أن سمه ایاه یتنافی مع اكرامه له، و أنه كان ینبه علی علم الرضا ، و شرف نفسه و بیته الخ ..



[ صفحه 414]



و أما أحمد أمین فیقول : ان ذلك بعید ؛ لأن المؤرخین « یروون حزن المأمون الشدید علیه، كما یروون أن المأمون بعد موته، و بعد انتقاله الی بغداد ظل یلبس الحضرة .. الی أن قال : فان كان حقا قد سم، یكون قد سمه أحد غیر المأمون، من دعاة البیت العباسی .. » ثم استشهد لذلك أیضا بمناظرة المأمون للعلماء فی تفضیل الامام علی (ع)، و التی ذكرها ابن عبدربه فی العقد الفرید، و بأنه ظل یظهر العطف علی العلویین، رغم كثرة خروجهم علیه [3] .

و صاحب كتاب عصر المأمون یستند فی استبعاده لذلك الی تلك الرعایة التی أظهرها المأمون له، و ذلك الاحترام و التقدیر، الذی كان یحیطه به، و خصوصا بعد أن توثقت عری المودة بینهما بالمصاهرة .. و یضیف الی ذلك أیضا : أن نفسیة المأمون، و خلقه، یأبیان - علی زعمه - علیه ذلك .. و عقد ولایة العهد له من بعده هو عند هؤلاء الدلیل القاطع علی حسن نیة المأمون، و سلامة طویته ..

و الدكتور أحمد محمود صبحی یری : أن قضیة مسمومیة الرضا (ع) هی من مختلقات الشیعة « الذین لم یجدوا تناقضا بین الحظوة التی كان ینالها من المأمون، ثم مبایعته له بولایة العهد، و تزویجه أخته [4] ، و بین أن یدس له المأمون السم فی العنب، ثم یصلی علیه، و یدفنه بجوار قبر أبیه الرشید ؛ فقد أصبح مقدرا علی الأئمة منذ الحسن : أن یكون قاتلوهم هم : الخلفاء، أو بایعاز منهم .. » [5] .



[ صفحه 415]



هذه هی الحجج، التی حاول هؤلاء اقامتها علی صحة ما ذهبوا الیه، من براءة المأمون من دم الامام (ع) .


[1] في تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 81 : أن المأمون بقي ثلاثة أيام مقيما عند قبر الرضا (ع) يؤتي كل يوم برغيف و ملح ؛ فيأكله . ثم انصرف في اليوم الرابع.

[2] تذكرة الخواص ص 355.

[3] ضحي الاسلام ج 3 ص 296 ،295.

[4] قد اتفق المؤرخون تقريبا علي أن المأمون قد زوج للرضا عليه السلام «ابنته» و ليس اخته . و لم يذكر أنها اخته الا شاذ منهم لا يعتد به، و هو الذي يتشبث به الدكتور هنا، و لعله لأنهم رأوا عدم انسجام سن الامام مع سن ابنته آثروا أن يجعلوها اخته .. و أيا كانت الحقيقة فان مقصود المأمون هنا حاصل.

[5] نظرية الامامة ص 387.